فصل: فصل إن بلغ الصبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روضة الطالبين وعمدة المفتين **


 كتاب الحجر

هو نوعان حجر شرع لغيره وحجر لمصلحة نفسه‏.‏

الأول خمسة أضرب حجر الراهن لحق المرتهن وحجر المفلس لحق الغرماء وحجر المريض للورثة وحجر العبد لسيده وكذا المكاتب لسيده ولله تعالى وخامسها حجر المرتد لحق المسلمين‏.‏

وهذه الأضرب خاصة لا تعم التصرفات بل يصح من هؤلاء المحجورين الإقرار بالعقوبات وكثير من التصرفات وهي مذكورة في أبوابها‏.‏

النوع الثاني ثلاثة أضرب أحدها حجر المجنون ويثبت بمجرد الجنون ويرتفع بالافاقة وتنسلب به الولايات واعتبار الأقوال كلها ومن عامله أو أقرضه فتلف المال عنده أو أتلفه فمالكه هو المضيع وما دام باقيا يجوز استرداده والثاني حجر الصبي قال في التتمة ومن له أدنى تمييز ولم يكمل عقله فهو كالصبي المميز وتدبيره ووصيته يأتي بيانهما إن شاء الله تعالى‏.‏

وقد سبق إذنه في الدخول وحمله الهدية والثالث حجر السفيه المبذر والضرب الأول أعم من الثاني

 فصل فيما يزول به حجر الصبي

قال جماعة ينقطع حجر الصبي بالبلوغ رشيداً ومنهم من يقول حجر الصبي ينقطع بمجرد البلوغ وليس هذا اختلافاً محققاً بل من قال بالأول أراد الإطلاق الكلي ومن قال بالثاني بالحجر أراد الحجر المخصوص بالصبي وهذا أولى لأن الصبي سبب مستقل بالحجر وكذلك التبذير وأحكامهما متغايرة ومن بلغ مبذراً فحكم تصرفه حكم تصرف السفيه لا حكم تصرف الصبي M0ر أسباب البلوغ للبلوغ أسباب منها مشترك بين الرجال والنساء ومختص بالنساء أما المشترك فمنه السن فإذا استكمل المولود خمسة عشرة سنة قمرية فقد بلغ وفي وجه يبلغ بالطعن في الخامسة عشرة وهو شاذ ضعيف السبب الثاني خروج المني ويدخل وقت إمكانه باستكمال تسع سنين ولا عبرة بما ينفصل قبلها هذا هو الصحيح المعتمد وفي وجه إنما يدخل بمضي نصف السنة العاشرة وفي وجه باستكمال العاشرة ولنا وجه أن المني لا يكون بلوغ في النساء لأنه نادر فيهن وعلى هذا قال الإمام الذي يتجه عندي أنه لا يلزمها الغسل وهذا الوجه شاذ وفيما قاله الإمام نظر‏.‏

السبب الثالث إنبات العانة يقتضي الحكم بالبلوغ في الكفار وهل هو حقيقة البلوغ أم دليله قولان أظهرهما الثاني فإن قلنا بالأول فهو بلوغ في المسلمين أيضاً وإن قلنا بالثاني فالأصح أنه ليس ببلوغ‏.‏

قلت إختلف أصحابنا فيما يفتى به في حق المسلمين واختار الإمام الرافعي في المحرر أنه لا يكون بلوغاً والله أعلم‏.‏

ثم المعتبر شعر خشن يحتاج في إزالته إلى حلق فأما الزغب والشعر الضعيف الذي قد يوجد في الصغر فلا أثر له وأما شعر الإبط واللحية والشارب فقيل كالعانة وقيل لا أثر لها قطعاً وألحق صاحب التهذيب الإبط بالعانة دون اللحية والشارب‏.‏

قلت ويجوز منبت عانة من احتجنا إلى معرفة بلوغه بها للضرورة هذا هو الصحيح وقيل تمس من فوق حائل يلصق بها شمع ونحوه ليعتبر بلصوقه به وكلاهما خطأ إذ يحتمل أنه حلقه أو نبت شيء يسير والله أعلم‏.‏

وأما ثقل الصوت ونهود الثدي ونتوء طرف الحلقوم وانفراق الأرنبة فلا أثر لها على المذهب وطرد في التتمة فيها الخلاف وأما ما يختص بالنساء فاثنان أحدهما الحيض فهو لوقت الإمكان بلوغ والثاني الحبل فإنه مسبوق بالإنزال لكن لا نستيقن الولد إلا بالوضع فإذا وضعت حكمنا بحصول البلوغ قبل الوضع بستة أشهر وشيء فإن كانت مطلقة وأتت بولد يلحق الزوج حكمنا ببلوغها قبل الطلاق‏.‏

فرع الخنثى المشكل إذا خرج من ذكره ما هو بصفة المني ومن هو بصفة الحيض حكم ببلوغه على الأصح لأنه ذكر أمنى أو أنثى حاضت والثاني لا للتعارض وإن وجد أحد الأمرين فقط أو أمنى وحاض بالفرج فقطع الجمهور بأنه ليس ببلوغ لجواز أن يظهر من الفرج الآخر ما يعارضه والحق ما قاله الإمام أنه ينبغي أن يحكم ببلوغه بأحدهما كما يحكم بذكورته وأنوثته ثم إن ظهر خلافه غيرنا الحكم قلت قال صاحب التتمة إذا أنزل الخنثى من ذكره أو خرج الدم من فرجه مرة لم يحكم ببلوغه فإن تكرر حكم به وهذا الذي قاله حسن وإن كان غريباً والله أعلم‏.‏

فرع وأما الرشد فقد قال الشافعي رضي الله عنه هو إصلاح الدين والمراد بالصلاح في الدين أن لا يرتكب محرما يسقط العدالة وفي المال أن لا يبذر فمن التبذير تضييع المال بإلقائه في البحر أو احتمال الغبن الفاحش في المعاملات ونحوها وكذا الإنفاق في المحرمات‏.‏

وأما الصرف في الأطعمة النفيسة التي لا تليق بحاله فقال الإمام والغزالي هو تبذير وقال الأكثرون لا لأن المال يتخذ لينتفع فيه ويلتذ وكذا القول في التجمل بالثياب الفاخرة والإكثار من شراء الجواري والإستمتاع بهن وما أشبه ذلك وأما الصرف إلى وجوه الخير كالصدقات وفك الرقاب وبناء المساجد والمدارس وشبه ذلك فليس بتبذير فلا سرف في الخير كما لا خير في السرف وقال الشيخ أبو محمد إن بلغ الصبي وهو مفرط بالإنفاق في هذه الوجوه فهو مبذر وإن عرض ذلك بعد بلوغه مقتصدا لم يصر مبذرا والمعروف للأصحاب ما سبق وبالجملة التبذير على ما نقله معظم الأصحاب محصور في التضييعات وصرفه في المحرمات‏.‏

فرع اختبار الصبي ليعرف حاله لا بد من اختبار الصبي ليعرف حاله في الرشد وعدمه ويختلف بطبقات الناس فولد التاجر يختبر في البيع والشراء والمماكسة فيهما وولد الزارع في أمر الزراعة والإنفاق على القوام بها والمحترف فيما يتعلق بحرفته والمرأة في أمر القطن والغزل وحفظ الأقمشة وصون الأطعمة عن الهرة والفأرة وشبهها من مصالح البيت ولا تكفي المرة الواحدة في الإختبار بل لا بد من مرتين فأكثر بحيث يفيد غلبة الظن برشده وفي وقت الإختبار وجهان أحدهما بعد البلوغ وأصحهما قبله وعلى هذا في كيفيته وجهان أصحهما يدفع إليه قدر من المال ويمتحن في المماكسة والمساومة فإذا آن الأمر إلى العقد عقد الولي‏.‏

والثاني يعقد الصبي ويصح منه هذا العقد للحاجة ولو تلف في يده المال المدفوع إليه للإختبار فلا ضمان على الولي قلت والصبي الكافر كالمسلم في هذا الباب فيعتبر في صلاح دينه وماله ما هو صلاح عندهم وصرح به القاضي أبو الطيب وغيره والله أعلم‏.‏

 فصل إن بلغ الصبي

غير رشيد لاختلال صلاح الدين أو المال بقي عليه ولم يدفع إليه المال وفي التتمة وجه أنه إن بلغ مصلحاً لماله دفع إليه وصح تصرفه فيه وإن كان فاسقاً وإن بلغ مفسدا لماله منع منه حتى يبلغ خمساً وعشرين سنة وهذا الوجه شاذ ضعيف والصواب ما تقدم وعليه التفريع فيستدام الحجر عليه ويتصرف في ماله من كان يتصرف قبل بلوغه وإن بلغ رشيداً دفع إليه ماله وهل ينفك الحجر بنفس البلوغ والرشد أم يحتاج إلى فك وجهان أصحهما الأول لأنه لم يثبت بالحاكم فلم يتوقف عليه كحجر المجنون يزول بنفس الافاقة والثاني يحتاج فعلى هذا ينفك بالقاضي أو الأب أو الجد‏.‏

وفي الوصي والقيم وجهان وعلى هذا لو تصرف قبل الفك فهو كتصرف من أنشىء عليه الحجر بالسفه الطارىء بعد البلوغ ويجري الوجهان في الإحتياج فيما لو بلغ غير رشيد ثم رشد وإذا حصل الرشد فلا فرق بين الرجل والمرأة وبين أن تكون مزوجة أو غيرها‏.‏

فرع لو عاد التبذير بعدما بلغ رشيداً فوجهان أحدهما يعود الحجر عليه بنفس التبذير كما لو جن وأصحهما لا يعود لكن يعيده القاضي ولا يعيده غيره على الصحيح وقال أبو يحيى البلخي يعيده الأب والجد كما يعيده القاضي ولو عاد الفسق دون التبذير لم يعد الحجر قطعاً ولا يعاد أيضاً على المذهب لأن الأولين لم يحجروا على الفسقة بخلاف الإستدامة لأن الحجر كان ثابتاً فبقي وإذا حجر على من طرأ عليه السفه ثم عاد رشيدا فإن قلنا الحجر عليه لا يثبت إلا بحجر القاضي لم يرتفع إلا برفعه وإذا قلنا يثبت بنفسه ففي زواله الخلاف السابق فيمن بلغ رشيداً وأما الذي يلي أمر من حجر عليه للسفه الطارىء فهو القاضي إن قلنا لا بد من حجر القاضي وإن قلنا يصير محجورا بنفس السفه فوجهان كالوجهين فيما إذا طرأ عليه الجنون بعد البلوغ أحدهما الأب ثم الجد كحال الصغر وكما لو بلغ مجنوناً والثاني القاضي لأن ولاية الأب زالت فلا تعود والأول أصح في صورة الجنون والثاني أصح في صورة السفه وأعلم أن الغزالي صرح في الوسيط والوجيز بأن عود التبذير وحده لا أثر له وإنما المؤثر في عود الحجر أو إعادته عود الفسق والتبذير جميعاً وليس كما قال بل الأصحاب متفقون على أن عود التبذير كاف في ذلك كما سبق‏.‏

قلت أما الوجيز فهو فيه كما نقله عنه وكذا في أكثر نسخ الوسيط وفي بعضها حذف هذه المسألة وإصلاحها على الصواب‏.‏

وكذا وجد في أصل الغزالي وقد ضرب على الأول وأصلحه على الصواب والله أعلم‏.‏

فرع لو كان يغبن في بعض التصرفات خاصة فهل يحجر عليه حجر ذلك النوع وجهان لبعد اجتماع الحجر بالسفه وعدمه في شخص‏.‏

فرع الشحيح على نفسه جدا مع اليسار في الحجر عليه لينفق بالمعروف وجهان أصحهما المنع

وما لا يصح وفيه مسائل الأولى لا تصح منه العقود التي هي مظنة الضرر المالي كالبيع والشراء والإعتاق والكتابة والهبة والنكاح وسواء اشترى بعين أو في الذمة‏.‏

وفي الشراء في الذمة وجه أنه يصح تخريجا من العبد وليس بشيء وإذا باع وأقبض استرد من المشتري فإن تلف في يده ضمن ولو اشترى وقبض أو استقرض فتلف المأخوذ في يده أو أتلفه فلا ضمان لأن الذي أقبضه هو المضيع ويسترد وليه الثمن إن كان أقبضه وسواء كان من عامله عالماً بحاله أم جاهلا لتقصيره بالبحث عن حاله ولا يجب على السفيه أيضاً الضمان بعد فك الحجر لأنه حجر ضرب لمصلحته فأشبه الصبي لكن الصبي لا يأثم والسفيه يأثم لأنه مكلف وفي وجه يضمن بعد فك الحجر إن كان أتلفه بنفسه وهو شاذ‏.‏

قلت‏:‏ هذا إذا أقبضه البائع الرشيد فأما إذا أقبضه السفيه بغير إذن البائع أو أقبضه البائع وهو صبي أو محجور عليه بسفه فإنه يضمنه بالقبض قطعا صرح به أصحابنا وفقهه ظاهر والله أعلم‏.‏

هذا كله إذا استقل بهذه التصرفات فأما إذا أذن له الولي فإن أطلق الإذن فهو لغو وإن عين تصرفا وقدر العوض فوجهان أصحهما عند الغزالي الصحة كما لو أذن في النكاح فإنه يصح قطعا وإن كان بعضهم قد أشار إلى طرد الخلاف فيه وأصحهما عند البغوي لا يصح كما لو أذن للصبي قلت هذا الثاني أصح عند الأكثرين منهم الجرجاني والرافعي في المحرر وجزم به الروياني في الحلية والله أعلم‏.‏

ويجري الوجهان فيما لو وكله رجل بشيء من هذه التصرفات هل يصح عقده للموكل وفيما لو اتهب أو قبل الوصية لنفسه‏.‏

قلت الأصح صحة إتهابه وبه قطع الجرجاني والله أعلم‏.‏

ولو أودعه إنسان شيئاً فتلف عنده فلا ضمان عليه وإن أتلفه فقولان كما لو أودع صبياً‏.‏

المسألة الثانية‏:‏ لو أقر بدين معاملة لم يقبل سواء أسنده إلى ما قبل الحجر أو بعده كالصبي وفيما إذا أسنده إلى ما قبل الحجر وجه أنه يصح تخريجا من المفلس على قول وليس شيء ولو أقر بإتلاف أو جناية توجب المال لم يقبل على الأظهر كدين المعاملة ثم ما رددناه من إقراره لا يؤاخذ به بعد فك الحجر ولو أقر بما يوجب حدا أو قصاصاً قبل ولو أقر بسرقة توجب القطع قبل في القطع وفي المال قولان كالعبد إذا أقر بالسرقة هذا إن لم يقبل إقراره بالإتلاف فإن قبلناه فهنا أولى ولو أقر بقصاص وعفا المستحق على مال ثبت على الصحيح لأنه يتعلق باختيار غيره لا بإقراره ولو أقر بنسب ثبت وينفق على الولد المستلحق من بيت المال‏.‏

قلت كذا قال الأصحاب في كل طرقهم يقبل إقراره بالنسب وينفق عليه من بيت المال قطعاً‏.‏

وشذ الروياني فقال في الحلية يقبل إقراره بالنسب في أصح الوجهين وينفق عليه من ماله وهذا شاذ نبهت عليه لئلا يغتر به ولو أقر بالإستيلاد لم يقبل والله أعلم‏.‏

ومن ادعى عليه دين معاملة قبل الحجر وأقام بينة سمعت فإن لم تكن بينة وقلنا النكول ورد اليمين كالبينة سمعت وإن قلنا كالإقرار فلا الثالثة يصح طلاقه وخلعه وظهاره ورجعته ونفيه النسب باللعان وشبه ذلك إذ لا تعلق لها بالمال ولو كان السفيه مطلقاً مع حاجته إلى النكاح سري بجارية فإن تضجر منها أبدلت‏.‏

الرابعة‏:‏ حكمه في العبادات كالرشيد لكن لا يفرق الزكاة بنفسه ولو أحرم بغير إذن الولي إنعقد إحرامه فإن أحرم بحج تطوع وزاد ما يحتاج إليه في سفره على نفقته المعهودة ولم يكن له في طريقه كسب يفي بتلك الزيادة فللولي منعه ثم المذهب وبه قطع الأكثرون أنه كالمحصر يتحلل بالصوم إذا قلنا لدم الإحصال بدل لأنه ممنوع من المال ونقل الإمام فيه وجهين هذا والثاني أن عجزه عن النفقة لا يلحقه بالمحصر بل هو كالمفلس الفاقد للزاد والراحلة لا يتحلل إلا بلقاء البيت وإن لم يزد ما يحتاج إليه على النفقة المعهودة أو كان يكتسب في الطريق ما يفي بالزيادة لم يمنعه الولي بل ينفق عليه من ماله ولم يسلمه إليه بل إلى ثقة لينفق عليه في الطريق وإن أحرم بحجة مفروضة كحجة الإسلام والنذر قبل الحجر لم ينفق عليه الولي كما ذكرنا قال في التتمة وكالمنذورة بعد الحجر قلت‏:‏ ولو أفسد حجة المفروض بالجماع لزمه المضي فيه والقضاء وهل يعطيه الولي نفقة القضاء وجهان حكاهما الماوردي والله أعلم‏.‏

ولو نذر التصدق بعين مال لم يصح وفي الذمة ينعقد ولو حلف انعقدت بيمينه ويكفر عند الحنث بالصوم كالعبد‏.‏

قلت‏:‏ وفيه وجه حكاه صاحب الحاوي والقاضي حسين والمتولي أنه يلزمه التكفير بالمال فيجب على الولي إخراج الكفارة من مال السفيه قال القاضي فإن كثر حنثه لزمه الكفارة ولا يخرجها الولي ولا يصح صومه بل تبقى عليه حتى يعسر فيصوم إذا قلنا الإعتبار في الكفارة بحال الأداء وإذا قلنا بالصحيح أن واجبه الصوم فلم يصم حتى فك حجره قال الماوردي إن قلنا يعتبر في الكفارة حال الأداء لم يجزئه الصوم مع اليسار وإن اعتبرنا حال الوجوب ففي إجزاء الصوم وجهان لأنه كان من أهل الصوم إلا أنه كان موسراً والله أعلم‏.‏

 فصل فيمن يلي أمر الصبي والمجنون

وكيف يتصرف أما الذي يلي فهو ثم الجد ثم وصيهما ثم القاضي أو من ينصبه القاضي قلت وهل يحتاج الحاكم إلى ثبوت عدالة الأب والجد لثبوت ولايتهما وجهان حكاهما القاضي أبو الطيب والشاشي وآخرون وينبغي أن يكون الراجح الإكتفاء بالعدالة الظاهرة والله أعلم‏.‏

ولا ولاية للأم على الأصح‏.‏

وقال الأصطخري لها ولاية المال بعد الأب والجد وتقدم على وصيهما وأما كيفية التصرف فالقول الجملي فيه كون التصرف على وجه النظر والمصلحة فيجوز للولي أن يشتري له العقار بل هو أولى من التجارة فإن لم يكن فيه مصلحة لثقل الخراج أو جور السلطان أو إشراف الموضع على الخراب لم يجز ويجوز أن يبني له الدور والمساكن ويبني بالآجر والطين دون اللبن والجص قال الروياني جوز كثير من الأصحاب البناء على عادة البلد كيف كان قال وهو الإختيار ولا يبيع عقاره إلا لحاجته مثل أن لا يكون له ما يصرفه في نفقته وكسوته وقصرت غلته عن الوفاء بهما ولم يجد من يقرضه أو لم ير المصلحة في الاقتراض أو لغبطة مثل أن يكون ثقيل الخراج أو رغب فيه شريك أو جار بأكثر من ثمن مثله وهو يجد مثله ببعض ذلك الثمن ويجوز أن يبيع ماله نسيئة وبالعرض إذا رأى المصلحة فيه وإذا باع نسيئة زاد على ثمنه نقدا وأشهد عليه وارتهن به رهناً وافياً فإن لم يفعل ضمن كذا قاله الجمهور وحكى الإمام وجهين في صحة البيع إذا لم يرتهن وكان المشتري مليئا وقال الأصح الصحة ويشبه أن يذهب القائل بالصحة إلى أنه لا يضمن ويجوزه اعتمادا على ذمة المليء وإذا باع الأب مال ولده لنفسه نسيئة لا يحتاج إلى رهن من نفسه لأنه أمين في حق ولده‏.‏

فرع إذا باع الأب أو الجد عقار الطفل ورفع إلى القاضي سجل ولم يكلفه إثبات الحاجة أو الغبطة بالبينة لأنه غير متهم وفي بيع الوصي والأمين لا يسجل إلا إذا قامت البينة على الحاجة أو الغبطة قلت وفي احتياج الحاكم إلى ثبوت عدالة الأب والجد ليسجل لهما وجهان حكاهما في البيان والله أعلم‏.‏

وإذا بلغ الصبي وادعى على الأب أو الجد بيع ماله بغير مصلحة فالقول قولهما مع اليمين وإن ادعاه على الوصي أو الأمين فالقول قول المدعي في العقار وعليهما البينة وفي غير العقار وجهان أصحهما كالعقار والفرق عسر الإشهاد في كل قليل وكثير يبيعه ومنهم من أطلق وجهين من غير فرق بين ولي وولي ولا بين العقار وغيره ودعواه على المشتري من الولي كهي على الولي‏.‏

فرع ليس للوصي بيع ماله لنفسه ولا بيع مال نفسه له وللأب ذلك ولهما بيع مال أحد الصغيرين للآخر وهل يشترط أن يقول بعت واشتريت كما لو باع لغيره أم يكفي أحدهما وجهان سبقا في البيع‏.‏

فليشتر من ثقة وحيث أمر بالإرتهان لا يقوم الكفيل مقامه فرع لا يستوفي القصاص المستحق له ولا يعفو ولا يعتق عبيده ولو بعوض ولا يكاتبهم ولا يهب أمواله ولو بشرط الثواب ولا يطلق زوجته ولو بعوض ولو باع شريكه شقصا مشفوعا أخذ أو ترك بحسب المصلحة فإن ترك بحسب المصلحة ثم بلغ الصبي وأراد أخذه لم يمكن على الأصح كما لو أخذ للمصلحة ثم بلغ الصبي وأراد رده والثاني يمكن لأنه لو كان بالغا كان له الأخذ وإن خالف المصلحة والآخذ المخالف للمصلحة لم يدخل في ولايته فلا يفوت بتصرف الولي‏.‏

قلت‏:‏ فإذا قلنا بالأصح فبلغ وادعى أنه ترك الشفعة من غير غبطة قال صاحب المهذب وغيره حكمه حكم بيع العقار والله أعلم‏.‏

فرع ليس للولي أخذ أجرة ولا نفقة من مال الصبي إن كان كان فقيرا وانقطع بسببه عن الكسب فله أخذ قدر النفقة وفي التعليق أنه يأخذ أقل الأمرين من قدر النفقة وأجرة المثل‏.‏

قلت‏:‏ هذا المنقول عن التعليق هو المعروف في أكثر كتب العراقيين ونقله صاحب البيان عن أصحابنا مطلقاً وحكاه هو وغيره عن نص الشافعي رضي الله عنه وحكى الماوردي والشاشي وجهاً أنه يجوز أيضاً للغني أن يأكل بقدر أجرته والصحيح المعروف القطع بأنه لا يجوز للغني مطلقاً والله أعلم‏.‏

والقول في أنه هل يستبد بالأخذ يأتي في كتاب النكاح إن شاء الله تعالى وهل عليه ضمان ما أخذه كالمضطر إذا أكل طعام الغير أم لا كالإمام إذا أخذ الرزق من بيت المال فيه قولان قلت أظهرهما لاضمان لظاهر القرآن ولأنه بدل عمله والله أعلم‏.‏

فرع للولي أن يخلط ماله بمال الصبي ويؤاكله قال ابن سريج وللمسافرين خلط أزوادهم وإن تفاوتوا في الأكل قال وهذا أولى بالجواز لأن كلا منهم من أهل المسامحة‏.‏

قلت‏:‏ لا خلاف في جواز خلط المسافرين على الوجه المذكور بل هو مستحب ونقل صاحب البيان من أصحابنا أنه مستحب ذكره في باب الشركة ودلائله من الأحاديث الصحيحة كثيرة والله أعلم‏.‏

فرع يجب على الولي أن ينفق عليه ويكسوه بالمعروف ويخرج من أمواله الزكاة وأروش الجنايات وإن لم تطلب ونفقة القريب بعد الطلب‏.‏

فرع ضرورة المسافرة بماله إن دعت ضرورة حريق أو نهب إلى المسافرة بماله سافر كان الطريق مخوفاً لم يسافر به وإن كان آمناً فوجهان أصحهما الجواز لأن المصلحة قد تقتضي ذلك والولي مأمور المصلحة بخلاف المودع والثاني المنع وبه قطع العراقيون كالوديعة‏.‏

قلت‏:‏ لو سافر به في البحر لم يجز إن كان مخوفا وكذا إن كانت سلامته غالبة على المذهب وبه قطع القاضي حسين ونقله الإمام عن معظم الأصحاب‏.‏

وقيل يجوز إن أوجبنا ركوبه للحج والله أعلم‏.‏

ثم إذا أجاز له المسافرة به جاز أن يبعثه مع أمين‏.‏

فرع ليس لغير القاضي إقراض مال الصبي إلا عند ضرورة نهب أو ونحوه أو إذا أراد سفراً ويجوز للقاضي الإقراض وإن لم يكن شيء من ذلك لكثرة أشغاله وفي وجه القاضي كغيره ولا يجوز إيداعه مع إمكان الإقراض على الأصح فإن عجز عنه فله الإيداع ويشترط فيمن يودعه الأمانة وفي من يقرضه الأمانة واليسار وإذا أقرض ورأى أن يأخذ به رهنا أخذه وإلا تركه‏.‏

قلت يستحب للحاكم إذا حجر على السفيه أن يشهد على حجره وإن رأى أن ينادي عليه في البلد نادى مناديه ليتجنب الناس معاملته وحكى في الحاوي والمستظهري عن أبي علي ابن أبي هريرة وجها أنه يجب الإشهاد وهو شاذ وإذا كان للصبي أو السفيه كسب أجبره الولي على الإكتساب ليرتفق به في النفقة وغيرها حكاه في البيان ولو وجب للسفيه قصاص فله أن يقتص ويعفو فإن عفا على مال صح ووجب دفع المال إلى وليه وإن عفا مطلقاً أو على غير مال فإن قلنا القتل يوجب أحد الأمرين القصاص أوالدية وجبت الدية لأن عفوه عنها لا يصح وإن قلنا يوجب القصاص فقط سقط القصاص ولا مال وإذا مرض المحجور عليه لسفه مرضاً مخوفاً لم يتغير حكمه وتصرفاته فيه كتصرفه في صحته وحكى في الحاوي وجها أنه يغلب عليه حجر المرض فيصح عتقه من ثلثه وهذا شاذ ضعيف والله أعلم‏.‏